كيف لا وهو حبيب الله
عن علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما هممت بقبيح مما
هم به أهل الجاهلية أي ويفعلونه إلا مرتين من الدهر كلتاهما عصمني الله عز وجل منهما أي
من فعلهما قلت لفتي كان معي من قريش بأعلى مكة في غنم لأهله يرعاها أبصر لي غنمي
حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما يسمر الفتيان قال نعم فخرجت فلما جئت أدنى دار من دور
مكة سمعت غناء وصوت دفوف ومزامير فقلت ما هذا فقالوا فلان قد تزوج بفلانة لرجل
من قريش تزوج إمرأة من قريش فجلست أنظر أي أسمع وضرب الله على أذني فوالله ما
أيقظني إلا حر الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال ما فعلت فأخبرته ثم فعلت الليلة الأخرى
مثل ذلك فقال صلى الله عليه وسلم فوالله ما هممت ولا عدت بعدهما لشيء من ذلك أي مما
يعمله أهل الجاهلية حتى أكرمني الله تعالى بنبوته ومن ذلك ما جاء عن أم أيمن
رضي الله عنها أنها قالت كان بوانة صنما تحضره قريش وتعظمه وتنسك أي تذبح له وتحلق
عنده وتعكف عليه يوما إلى الليل في كل سنة فكان أبو طالب يحضر مع قومه ويكلم رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يحضر ذلك العيد معه فيأبى ذلك حتى قالت رأيت أبا طالب غضب عليه
ورأيت عماته غضبن عليه يومئذ أشد الغضب وجعلن يقلن إنا لنخاف عليك مما تصنع من إجتناب
آلهتنا ويقلن ما تريد يا محمد أن تحضر لقومك عيدا ولا تكثر لهم جمعا فلم يزالوا به حتى ذهب فغاب
عنهم ما شاء الله ثم رجع مرعبا فزعا فقلن ما دهاك قال إني أخشى أن يكون بي لمم أي لمة وهي
اللمس من الشيطان فقلن ما كان الله عز وجل ليبتليك بالشيطان وفيك من خصال الخير ما فيك فما
الذي رأيت قال إني كلما دنوت من صنم منها أي من تلك الأصنام التي عند ذلك الصنم الكبير الذي
هو بوانة تمثل لي رجل أبيض طويل أي وذلك من الملائكة يصيح بي وراءك يا محمد لا تمسه
قالت فما عاد إلى عيد لهم حتى تنبأ صلى الله عليه وسلم